كلما توترت العلاقة بين إسبانيا والمغرب إلاّ وعززت الجارة الشمالية تواجدها العسكري في مدينة سبتة التي تحتلها منذ سنة 1580. هذه هي الخلاصة التي خرج بها مصدر مسؤول في الحكومة المحلية لمدينة سبتة، بعد أن أكد بأن اسبانيا عملت طيلة السنوات الأخيرة على تعزيز تواجدها العسكري في المدينة التي تقع أقصى شمالي المغرب على البحر الأبيض المتوسط.
المصدر ذاته حَسَم في المعطيات التي قدمها ، أكد على أن سلطات مدريد قد أقامت طيلة السنوات الأخيرة حوالي 19 ثكنة عسكرية بمدينة سبتة، وعملت على جعل المدينة خزانا كبيرا للأسلحة الإستراتيجية، استعدادا لحرب وشيكة في أي لحظة مع عدو مفترض. يضيف المصدر نفسه.
وجعلت إسبانيا من مدينة سبتة التي تحتلها منذ القرن الخامس عشر خزانا استراتيجيا للأسلحة الثقيلة والخفيفة حسب مصادر عليمة أسرت بذلك حيث تُطبق مدريد عقيدة السلم مع الجيران المتبوعة باحتمال حرب وشيكة في أي لحظة سواء مع الجار الجنوبي المغرب الذي يطمح إلى استرجاع سبتة ومليلة، أو مع جار ثقيل الدم والقوة يرغب في البقاء على تواجده في صخرة جبل طارق، والأمر هنا يتعلق ببريطانيا.
الزائر لمدينة سبتة يمكنه أن يلاحظ بدون عناء يذكر أن إسبانيا جعلت من المدينة، التي تبلغ مساحتها حوالي 26 كيلومترا، مربعا عبارة عن ثكنة عسكرية كبيرة، بعد أن وضعت مدريد بتنسيق مع الحكومة المحلية لمدينة سبتة، العديد من نقاط المراقبة العسكرية، والثكنات التي تضم المئات من الجنود غالبيتهم مجنسين من دول إفريقية، وآخرين من دول أمريكا الجنوبية، وقليل منهم إسبان.
كما تراقب إسبانيا من خلال هذا التواجد العسكري المُكثف مضيق جبل طارق الحساس في التجارة العالمية، حيث يؤمن أزيد من 35 من التبادل التجاري العالمي بحريا، مما يجعل مدينة سبتة مركزا عسكريا واستراتيجيا جد مُهم، وقاعدة دفاعية متقدمة في أي حرب مستقبلية مع أعدائها المفترضين (المغرب وبريطانيا).
العقيدة الاسبانية، التي جعلت من مدريد تُعسكر مدينة سبتة، يمكن فهمها بشكل كبير من خلال فصول مُذكرات رئيس الوزراء الاسباني، خوسي ماريا أثنار الذي أماط اللثام عن بعض فصول لقاءاته مع الملك محمد السادس حينما كان وليا للعهد. يضيف نفس المصدر. حيث أكد اثنار في فصول مذكراته التي تحمل اسم “التزام القوة” أن محمد السادس الذي كان وليا للعهد قد قام بزيارة إلى اسبانيا سنة 1997 وطالب من خلال هذه الزيارة باسترجاع المدينتين المُحتلتين، سبتة ومليلية، من الاسبان،
أثنار عاد في نفس فصول مذكراته التي بدأ تداولها في المكتبات الاسبانية، إلى النزاع الذي وقع بين المغرب واسبانيا على جزية “ليلى” أو “البقدُونس/بِيرِيخِيل” وهو ما دفع مدريد إلى تحريك قواتها العسكرية بشكل سريع نحو المدينتين المحتلتين لتعزيز تواجدها على خط التماس مع المغرب. وهنا تكمن الأهمية الإستراتيجية لمدينة لسبتة، كما هي لمدينة مليلية.
حادثة جزيرة “ليلى” الذي تُعزز مذكرات رئيس الوزراء الاسباني الأسبق، من المعطيات التي قدمها للموقع، جعلت من اسبانيا تعيش على هواجس احتمال نشوب مواجهة عسكرية قد تحدث في أي لحظة مع المغرب وهو ما جعلها تقوي حضورها في سبتة كي “تكون مستعدة للرد السريع على أي مبادرة مغربية لاسترجاع المدينتين أو للتواجد على بعض الصخور القريبة منها التي مازال النزاع حولها محتدا كما هو حال صخرة ليلى أو ثورة كما يسميها الاسبان” يضيف مصدرنا.
لكل هذا، جعلت اسبانيا من مدينة سبتة مركزا عسكريا متقدما عززته بحضور المئات من الجنود والعشرات من الثكنات العسكرية، وآلاف قطع الأسلحة التي حملها الجنرال فرانكو ذات يوم ضد المغرب، ويستعد الاسبان لحملها من جديد ضد الجار الجنوبي إن طالب باسترجاع أراضيه المُحتلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق